ثوار التحرير كانوا شبانا ورجالا ونساء وأطفالا (الفرنسية-أرشيف)
لم يكن لأسرة أيمن عطية المكونة من خمسة أفراد أي نشاط سياسي لا من قريب أو بعيد، لكنها قررت فجأة النزول لميدان التحرير وسط القاهرة تعبيرا عن تضامنها مع من سمتهم "ثوار التحرير".
وبدأت قبل أسبوعين احتجاجات حاشدة لم يسبق لها مثيل تطالب بإسقاط نظام الرئيس حسني مبارك الذي يحكم مصر منذ ثلاثين عاما، فضلا عن المطالبة بإصلاحات سياسية واجتماعية.
ودفعت هذه الاحتجاجات مبارك إلى إعلان عدم ترشحه لولاية سادسة في الانتخابات الرئاسية المقررة في سبتمبر/ أيلول المقبل، ووأدت فكرة التمديد له أو توريث الحكم لنجله جمال.
ورغم ذلك ما زال المحتجون الذين يتخذون من ميدان التحرير مركزا لهم، يصرون على مواصلة اعتصامهم حتى يتنحى مبارك (82 عاما) عن السلطة.
ولا تقتصر احتجاجات الميدان على الشبان والرجال، بل فيها نساء وأطفال ومن مختلف الأعمار والأطياف السياسية والاجتماعية.
المتظاهرون كسروا حاجز الخوف
(رويترز-أرشيف)
كسرنا حاجز الخوف
ويقول أيمن عطية الذي شارك وزوجته وأبناؤهما الثلاثة في اعتصام الميدان أمس الاثنين، وهي المرة الأولى التي يقدمون فيها على فعل ذلك "لم يعد هناك أي خوف، لقد كسرنا حاجز الخوف الذي زرعته الحكومة في نفوسنا لعقود، عليهم الآن تغيير الدستور وتنفيذ مطالبنا لأن هذا هو السبيل الوحيد".
وأضاف عطية وهو مهندس ميكانيكا (44 عاما) لرويترز "أردت أن يرى أطفالي هذه الوجوه الثائرة وأن يشاركوا ولو بشكل رمزي في التغيير الذي يحدث في بلدهم".
واصطحب عطية زوجته دعاء وأطفاله الثلاثة للمشاركة في الاحتجاجات التي انطلقت يوم 25 يناير/ كانون الثاني الذي يوافق عيد الشرطة.
وقالت دعاء وهي أيضا مهندسة لكن بمجال الهندسة المدنية "نريد أن نشارك هؤلاء الشباب كي نشعر أن لنا دورا فيما يحدث، بدأت أشعر بالأمان لأن ما حدث كان فضيحة للحكومة أمام العالم ولن تلجأ الحكومة لاستخدام العنف بعد ما حدث". وأضافت "لم نعد نخشى شيئا، مضى وقت الخوف وحان وقت التغيير".
من جهته وصف سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأميركية بالقاهرة ما شهدته مصر مؤخرا بأنه "ثورة شعبية اشتركت فيها كل الطبقات وكل مكونات المجتمع المصري".
واعتبر صادق في تصريح لرويترز أن السبب الذي كسر حاجز الخوف لدى الكثير من الأفراد والأسر الذين لم يسبق لهم المشاركة بأي عمل سياسي والذي دفعهم للمشاركة بالاحتجاجات الأخيرة، هو أن "هذه الثورة لها أهداف جماعية وليست مجرد احتجاجات فئوية تعبر من مطالب طبقة أو فئة محددة".
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن المواجهات التي اندلعت بين الشرطة والمحتجين الأيام الأولى للاحتجاجات فضلا عن محاولات مؤيدي مبارك الاعتداء على المعتصمين بميدان التحرير أسفرت عن سقوط ثلاثمائة قتيل على الأقل حتى الآن.
المحتجون طالبوا بالكرامة والحرية
(الأوروبية-أرشيف)
زال عنا الخوف
وقال حسن الغول (42 عاما) والذي قضى الليل بالميدان "لم نشارك في أي نشاط سياسي أو مظاهرات من قبل ولكن بعدما رأينا ما فعله هؤلاء الشباب زال عنا الخوف، هدفنا من المشاركة التغيير والعدالة الاجتماعية وحرية المواطن".
وأضاف الغول الذي يعمل محاسبا بالقطاع الخاص "هذه ليست ثورة جياع، نريد الكرامة والحرية، أكبر حسنة قدمها النظام دون أن يقصد أنه خلق مدينة فاضلة بميدان التحرير".
وقالت زوجته هويدا وهي ربة منزل من ميدان التحرير "شاركت بعد أن كنت مغيبة من الإعلام الحكومي ولكن شاهدت الشباب وأردت أن أشاركهم، لقد انتهى الخوف فأنا لم أعد أخشى بطش النظام لأنه فقد الشرعية".
وشجعت مشاركة عطية وزوجته في الاحتجاجات أطفاله على إبداء رأيهم فيما تشهده البلاد. وقالت ابنته هاجر (12 عاما) بلهجة مصرية "عايزة الريس يمشي والبلد تتصلح علشان كده جيت (من أجل هذا جئت) المظاهرات