البرادعي اعتبر أن تعهد مبارك بعدم الترشح للرئاسة مرة أخرى خدعة (رويترز)
رفضت المعارضة المصرية بكافة أطيافها خطاب الرئيس المصري محمد حسني مبارك الذي تعهد فيه بعدم الترشح مجددا للرئاسة بعد انتهاء ولايته الحالية في سبتمبر/أيلول القادم، ففي حين وصفه البعض بالخدعة، اعتبر آخرون أنه لا يلبي الحد الأدنى من تطلعات الشعب المصري.
فقد قال رئيس الجمعية الوطنية للتغيير محمد البرادعي أمس الثلاثاء إن الرئيس مبارك أخفق في تلبية مطالب المحتجين، وإن تعهده بعدم الترشح للرئاسة مرة أخرى خدعة.
وأضاف البرادعي -في مقابلة مع شبكة سي أن أن- أنه "إذا لم يستجب مبارك للدعوة بالرحيل حالا، فلن يكون رئيسا شكليا فحسب، ولكن أيضا رئيسا مسخا".
البرادعي وصف خطاب مبارك بالخدعة (الجزيرة)
وتحت وقع مظاهرات هائلة مستمرة منذ أسبوع، وضغط أميركي متصاعد، قال مبارك في خطاب وجهه للشعب المصري مساء أمس، إنه لن يترشح لانتخابات الرئاسة القادمة المقرر إجراؤها في سبتمبر/أيلول القادم، غير أنه سيعمل من أجل انتقال سلمي للسلطة.
وقال البرادعي "للأسف هو سيمدد المعاناة هنا لمدة ستة أشهر أو سبعة
أشهر أخرى، إنه مستمر في استقطاب البلاد، ما زال يزيد من غضب الناس، وربما يلجؤون للعنف".
ووصف البرادعي -وهو الدبلوماسي العائد إلى بلاده من الخارج، وشارك في
الاحتجاجات- مبارك بأنه "دكتاتور لا يريد أن يسمع صوت الناس". وأضاف أن خطوة مبارك "هي خدعة واضحة". وتابع "أيا كان من قدم له تلك المشورة فإنه قدم له النصيحة الخطأ، ينبغي أن يترك السلطة".
تحصيل حاصل
من جهته قال مؤسس حزب الغد المعارض أيمن نور إن خطاب مبارك غير مقبول لأنه لم يف بالحد الأدنى لمطالب الشعب.
أيمن نور: خطاب مبارك لم يف بالحد الأدنى لمطالب الشعب (الجزيرة)
ووصف نور الخطاب بأنه "تحصيل حاصل لأنه كان معلوما أن مبارك لم يكن سيترشح لفترة رئاسية جديدة، وإنما سيرشح نجله جمال".
وأشار إلى أن "الخطاب لم يتحدث عن التوريث من قريب أو بعيد، ولم يقدم أي إشارة متعلقة بإصلاح القضاء أو نظام الانتخابات".
وبدورها اعتبرت حركة "شباب 6 أبريل" أن خطاب مبارك "يمثل تحديا لإرادة الشعب وتجاهلا لمطالبه، رغم إصرار الشعب بمختلف فئاته وأطيافه على إقصائه وعدم شرعية حكمه".
وقالت الحركة في بيان لها إن "مبارك ونظام حكمه فاقدان للشرعية. تلك الشرعية التي تمنحها الجماهير عبر صندوق الانتخابات الحرة والنزيهة، وإن جميع مؤسسات الحكم المرتبطة بنظامه من حزبه الحاكم ومجلسي الشعب والشورى جميعها فاقدة للشرعية".
وأضاف البيان "وعليه فإننا اتساقا مع المطالب الشعبية والشبابية الوطنية نطالب مبارك بالتنحي عن السلطة، وتسليم جميع سلطاته وسلطات نائبه وسلطات جميع أجهزة الحكم المرتبطة به فورا إلى الشعب، بموجب الدستور والقانون".
واستطرد البيان "وعليه نعلن استمرار اعتصامنا المفتوح في ميدان التحرير بالعاصمة ومختلف ربوع الوطن الغالي، حتى يتحقق مطلب الجماهير الذي تجلى بوضوح في هتافهم: الشعب يريد إسقاط النظام".
وبدوره قال المتحدث الرسمي باسم جماعة الإخوان المسلمين وعضو مكتب الإرشاد فيها محمد مرسي لوكالة الأنباء الألمانية عبر الهاتف، إن خطاب الرئيس المصري واللغة التي استخدمها فيه "مرفوضة بشكل كامل، ولم تلب أي شيء من مطالب الشعب".
وأكد مرسي أن "التعديلات التي أعلنها الرئيس المصري جاءت متأخرة للغاية، وكانت هي مطالب الشعب قبل يوم 25 يناير/كانون الثاني الماضي، إلا أن تلك المطالب لم تعد كافية بعد أن نزل ثمانية ملايين متظاهر في أنحاء البلاد".
وأشار إلى أن جماعة الإخوان ستصدر بيانا اليوم الأربعاء للتعليق تفصيلا على الخطاب وما جاء فيه، مشددا على رفضها التام للخطاب، وقال إنه يتعين على النظام الاستجابة لمطالب الشعب.
مثير للإحباط
من جهته وصف الأمين العام لحزب التجمع المعارض سيد عبد العال الخطاب بأنه "مثير للإحباط"، مشيرا إلى أن ما حدث من احتجاجات هو أبلغ رد على خطاب مبارك.
"
الأمين العام لحزب التجمع المعارض سيد عبد العال وصف خطاب مبارك بأنه "مثير للإحباط"، مشيرا إلى أن ما حدث من احتجاجات هو أبلغ رد على خطاب مبارك
"
وأضاف عبد العال للجزيرة أن مبارك لم يقدم تنازلات، بل جملا طيبة لا معنى لها، مشيرا إلى أنه وعد الشعب بتعديل المادتين 76 و77 ولم يذكر إطلاقا قانون الطوارئ.
وشدد عبد العال على أن المطلوب من مبارك هو الانصياع لإرادة الشعب والرحيل عن الحكم، موضحا أن حزبه دعا لاجتماع طارئ اليوم الأربعاء لتدارس الموقف واتخاذ القرار المناسب.
أما المتحدث باسم حزب الوفد محمد شردي فقال للجزيرة إن ما جاء في خطاب مبارك خطوة نرحب بها، ولكننا نريد المزيد وتنفيذ الكثير من مطالب الشعب، وأهمها الحل الشامل للمجالس النيابية المزورة ومجلسي الشعب والشورى.
وطالب شردي بأن ترفع الدولة يدها تماما عن "السيطرة الفجة" على الإعلام المصري. موضحا أن الوفد سيعقد اجتماعا طارئا اليوم لمناقشة ما جاء في خطاب الرئيس مبارك.
وأضاف أن الإيجابي في خطاب مبارك أنه لم يكن يتوقع أن يخرج ويعلن أنه لن يترشح لفترة رئاسة قادمة. وتابع "نحن نقبل الخطاب، ولكننا نريد تنفيذ مطالب المعارضة، وعلى رأسها رحيل الرئيس وتعديل الدستور وحل المجالس النيابية".
وبدورها وصفت الناشطة السياسية نوارة نجم -في حديث للجزيرة- خطاب مبارك بأنه "مليء بالكذب والادعاء، ولا يلبي مطالب الشعب المصري برحيله"، واعتبرت أن مبارك أهان في خطابه ملايين المصريين واتهمهم بالسرقة والنهب.
وأضافت أن هذا الخطاب صب الزيت على النار، ووصفته بأنه نقطة تحول في الثورة المصرية، وقالت "لن نطالب برحيل مبارك وإنما بمحاكمته".
بشارة وصف خطاب مبارك بأنه غير واقعي (الجزيرة-أرشيف)
غير واقعي
أما المفكر العربي الدكتور عزمي بشارة فرأى أن خطاب مبارك "لا علاقة له بالواقع، فالرجل يقول إما أنا أو الفوضى"، معتبرا أن الخطاب عقد الأمور حتى على أقرب المقربين منه.
وأشار بشارة إلى أن مبارك لم يعتذر أو يأسف في خطابه لمقتل 200 شهيد في الاحتجاجات، ولم يعِدْ بتشكيل لجنة تحقيق في الأمر، معتبرا أن مبارك سيستغل فترة الـ6 أشهر القادمة ليستفرد بهؤلاء الشباب الذين نظموا الاحتجاجات، "ويجب ألا تمنح له هذه الفرصة".
ورأى بشارة -في حديثه للجزيرة- أن النضال ضد مبارك سيستمر، وسيحدث تصعيد من قبل المحتجين في الأيام القادمة، وقد يتوجهون إلى قصر الرئاسة، مشيرا إلى أن نبرة الخطاب كانت نبرة تقريعية وتوبيخية للمعارضة، وليست تصالحية، وهي نبرة شخص ما زال يعتقد أنه ما زال في وضعه السابق.
وكان مبارك أعلن في خطابه أنه لن يترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة، مؤكدا أنه سيعمل خلال الأشهر الباقية من ولايته الحالية على اتخاذ التدابير والإجراءات المحققة للانتقال السلمي للسلطة بموجب ما يخوله له الدستور من صلاحيات.
ودعا الرئيس المصري في خطابه البرلمان الحالي -بمجلسيه الشعب والشورى- إلى مناقشة تعديل المادتين "76" و"77" من الدستور، بما يعدل شروط الترشيح لرئاسة الجمهورية ويتيح فترات محددة للرئاسة.