افتتح الرئيس حسنى مبارك صباح الأربعاء أعمال الدورة الثانية للقمة العربية الإقتصادية والإجتماعية والتنموية التى تعقد في شرم الشيخ بحضور عدد كبير من القادة والزعماء والملوك والرؤساء العرب وعدد من رؤساء الحكومات ورؤساء الوفود.
وفي بداية أعمال الدورة الثانية التى ترأسها الرئيس مبارك، ألقى سيادته كلمة رحب فيها بالزعماء العرب ورؤساء الحكومات والوفود المشاركين في القمة العربية الإقتصادية.
وقال الرئيس حسنى مبارك إن السلام آت لا محالة مهما كانت مراوغات الاحتلال، وأن التنمية العربية الشاملة آتية لا محالة مهما كانت الصعاب والتحديات .
وأكد فى رسالة وجهها للشعوب العربية فى كلمته اليوم خلال الجلسة الافتتاحية للدورة الثانية للقمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية على أهمية زيادة العمل العربى المشترك لبناء مستقبل أفضل للشعوب العربية .
وشدد الرئيس مبارك على ثقة القادة والرؤساء العرب فيما يمتلكه أكثر من 300 مليون عربى من طاقات وامكانات وموارد وما يمتلكه الجميع سواء كان شعوب أو قادة أو زعماء من الارادة والعزم والتصميم .
وقال مبارك في كلمته أمام الجلسة الافتتاحية للقمة العربية الاقتصادية"لقد التقت رؤانا على الأهمية البالغة للعمل العربى الاقتصادى المشترك دعما لجهودنا من أجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية شعوبنا..وبرغم مانواجهه من التحديات السياسية فى منطقتنا والعالم من حولنا، وبالرغم من استمرار معاناة الشعب الفلسطينى، وتعثر جهود السلام العادل والشامل وما يحدق بالعالم العربى من أزمات وأطماع ومحاولات للتدخل، فقد أدركنا أن أولوية التعاون الاقتصادى والتنمية لم تعد غايتها تحقيق التقدم لشعوبنا فحسب وإنما أصبحت قضية مستقبل وبقاء ومصير ومتطلبا أساسيا من متطلبات الأمن القومى العربى.
واضاف "وانطلاقا من ذلك، فقد تقدمت مصر ودولة الكويت الشقيقة بمبادرة عام 2007 لعقد قمم دورية عربية تخصص لمناقشة القضايا الاقتصادية والتنموية والاجتماعية .. ولتفعيل العمل العربى المشترك الداعم لتحقيق معدلات مرتفعة للنمو الاقتصادى، ولدفع جهود التنمية العربية الشاملة إلى الأمام.
وأردف "جاءت قمتنا الأولى على أرض الكويت الشقيقة فى توقيت عصيب , بعد العدوان الإسرائيلى على غزة بما ألحقه من أضرار بأهاليها وما أحدثه من شرخ فى العلاقات العربية العربية، لكن حكمة القادة العرب وحكمة أخى سمو الأمير صباح الأحمد الجابر الصباح رئيس القمة أسهمت فى نجاح أعمالها .. فاعتمدنا عددا من القرارات الهامة تدعيما للعمل العربى الاقتصادى المشترك خاصة فى مجال تحديث البنية الأساسية من طرق وكهرباء واتصالات..كما توج سمو أمير الكويت هذا النجاح بمبادرته الهامة بإنشاء صندوق عربى بقيمة 2 مليار دولار يخصص لدعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة فى عالمنا العربى.
واضاف "إننا نلتقى اليوم كى نبنى على ما حققناه منذ انعقاد قمتنا الاقتصادية فى الكويت مدركين أننا وضعنا أقدامنا على الطريق الصحيح..ومؤكدين العزم على تدعيم العمل العربى المشترك فى مجالاته الاقتصادية والتنموية والاجتماعية باعتباره جزءا أصيلا من الحوار الدائر حاليا الذى يقوده أخى القائد معمر القذافى رئيس الدورة الحالية للقمة العربية العادية وباعتباره السبيل الأمثل لتدعيم عملنا المشترك بمفهومه الشامل والأعم تحقيقا لتطلعات شعوبنا للمستقبل الأفضل..ودفاعا عن مصالحنا وقضايانا فى عالم نواجه أزماته وتحدياته ولا يعترف إلا بالأقوياء.
وقال موجها كلماته للقادة والزعماء العرب "لقد انعقدت قمتنا بالكويت وقد خرج العالم - بالكاد - من أزمة غذاء حادة، وارتفاع غير مسبوق فى أسعار السلع الغذائية الأساسية .. ووسط بوادر أزمة مالية واقتصادية طاحنة سرعان ما تفاقمت ودخلت بالاقتصاد الدولى مرحلة ركود هو الأكثر خطرا منذ بدايات القرن الماضى لاتزال تداعياته تتوالى على اتساع العالم بدوله المتقدمة والنامية على السواء.
وأضاف "كان لأزمات النظام الدولى الراهن منذ قمة الكويت الأثر الأكبر فى تأكيد رؤيتنا نحن العرب للأزمات الاقتصادية العالمية وتداعياتها العابرة للحدود..إننا نلتقى اليوم قادة وزعماء ولدينا خبرات عامين قاسيين على دولنا وشعوبنا دفعنا خلالهما ثمنا باهظا لأزمة مالية واقتصادية لم نكن المتسببين عنها .. وتحملنا - رغم ذلك - الكثير من أضرارها وخسائرها وتداعياتها .. وانطلاقا من ذلك فإننى أدعو هذه القمة إلى بلورة رؤية عربية مشتركة لسبل التعامل مع الأزمات العالمية المماثلة، وسبل التوقى منها والتخفيف من تداعياتها.
واردف "لقد تعددت الاتفاقات وأطر العمل العربى المشترك فى مجالات الاقتصاد والتجارة والتنمية..وتشتد حاجتنا لتفعيلها بما يرقى لتطلعات شعوبنا .. وتحقيقا لذلك فإننى أدعو الإخوة والزعماء العرب لتكليف الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بإعداد حصر لكافة هذه الأطر والاتفاقات وتقييم لمدى نجاحها مع طرح مقترحات تفعيلها.
واشار الى ان قرارات قمة الكويت دعت الحكومات العربية لتذليل العقبات أمام تنفيذ مشروعات البنية الأساسية الإقليمية ولتحقيق المواءمة التشريعية اللازمة لفتح الطريق أمام القطاع العربى الخاص والمؤسسات والصناديق العربية للمشاركة فى إقامة هذه المشروعات.
وقال الرئيس حسني مبارك إن مشروعات البنى التحتية على المستوى العربى من شبكات الطرق والكهرباء والاتصالات هى متطلب رئيسى لتعزيز التعاون فيما بيننا وللتنمية الشاملة فى بلداننا، ولا سبيل أمامنا سوى تشجيع القطاع الخاص ومنحه دورا رئيسيا فى تنفيذ هذه المشروعات فى إطار شراكة فاعلة لا غنى عنها مع الدول والحكومات تغطى كافة مجالات التنمية تصل بها لآفاق أرحب وتعطى جهودها زخما جديدا واستثمارات جديدة.
وأضاف "لقد حققنا فى مصر هذه المواءمة التشريعية لتفتح الطريق لمشاركة القطاع الخاص مع الدولة فى تنفيذ مشروعات البنية الأساسية..وإننى على ثقة كاملة من أن القطاع العربى الخاص على استعداد لتحمل مسئوليته والإسهام فى تنفيذ المشروعات الإقليمية التى أقرتها قمة الكويت،وتلك التى نتطلع للتوافق بشأنها فى قمتنا اليوم، كما أننى على يقين من أن الصناديق ومؤسسات التمويل العربية سترحب بالمساهمة الفعالة فى تمويل هذه المشروعات.
واردف مبارك "وتحقيقا لهذا الاحتياج الهام فإننى أطلب من الأمين العام لجامعة الدول العربية .. دعوة ممثلى هذه المؤسسات والصناديق لاجتماع حول الأسلوب الأمثل لتحقيق هذه المساهمة، ولإرساء وتفعيل هذه الشراكة الضرورية كى نرقى على أرض الواقع لمستوى طموحنا للمستقبل.
وأكد ان الشباب العربى هم أغلى ما نمتلكه من ثروات وموارد فهم يمثلون أكثر من (25%) من سكاننا وبفكرهم وسواعدهم نصنع مستقبل أمتنا ونضع علاماته , ونبنى قواعده.
وشدد الرئيس المصري على ان قضية التشغيل وإتاحة فرص العمل ستظل واحدة من أهم ما نواجهه من تحديات وما نتطلع لتحقيقه من أهداف وأولويات .. كما ستبقى هذه القضية جزءا لا يتجزأ من جهودنا لتطوير التعليم والبحث العلمى على طريق النمو الاقتصادى والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية الشاملة وهدفا رئيسيا لسعينا لتعزيز الاستثمارات فيما بيننا وللمشروعات المطروحة أمام قمتنا اليوم.
وقال"إننا فى عالمنا العربى نقبل على المستقبل بآمال كبار وأمامنا العديد من القضايا الهامة على محاور عديدة , لدينا أولويات تحقيق الأمن الغذائى..ومواجهة تداعيات تغير المناخ , نتطلع لتعزيز التعاون فى مجالات الطاقة التقليدية ومصادرها الجديدة والمتجددة بما فى ذلك الاستخدامات السلمية للطاقة النووية .. أمامنا استكمال البنية الأساسية الإقليمية ومشروعات الربط البرى والكهربائى وخط الغاز العربى .. وشبكات المعلومات والاتصالات . نسعى للمزيد من تعزيز الاستثمارات والتجاربة البينية .. ولتفعيل منطقة التجارة الحرة العربية .. ونتطلع للارتقاء بها إلى اتحاد جمركى عربى منتصف العقد الحالى ولنصل معا فى نهايته إلى السوق العربية المشتركة.
وأضاف "إن هذه القضايا والأولويات والتطلعات .. هى جزء من الحلم العربى الكبير .. وهى حاضرة بقوة على جدول أعمال هذه القمة وستكون فى قلب مداولاتها ونتائجها .. والإعلان الصادر عنها.
واردف "لتكن رسالتنا لشعوبنا العربية اليوم من شرم الشيخ .. رمز السلام والتنمية أن السلام آت لا محالة مهما كانت مراوغات الإحتلال .. وأن التنمية العربية الشاملة آتية لا محالة مهما كانت الصعاب والتحديات .. لتكن رسالتنا لكل أخ عربى وأخت عربية أننا سنبنى المستقبل الأفضل بالمزيد من التعاون فيما بيننا..والمزيد من العمل العربى المشترك من أجل دولنا وشعوبنا.
وقال مبارك في نهاية كلمته "نمضى فى ذلك واثقين فيما يمتلكه أكثر من ثلاثمائة مليون عربى من طاقات وإمكانات وموارد ، وما نمتلكه جميعا - شعوبا وقادة وزعماء - من الإرادة والعزم والتصميم.